أزمة جديدة تشتعل في كرة القدم المصري، وبطلها مجددًا التحكيم المصري وهذه المرة الخصم هو النادي الأهلي، والذي قرر التصعيد بقرارات قوية واشتراطات صارمة من أجل استكمال مسابقات اتحاد الكرة المصري بسبب ما أسماه الأخطاء “الفجة” في الأسابيع الأخيرة.
واندلعت الأزمة بين النادي الأهلي واتحاد الكرة بسبب التحكيم، عقب التعادل أمام المقاولون العرب بدون أهداف مع إلغاء هدف لحسام حسن وعدم إعادة ركلة جزاء علي معلول، ثم التعادل مع فاركو في مباراة شهدت أيضًا إلغاء هدف لبيرسي تاو وسط إجماع كافة خبراء التحكيم بأن القرار كان خاطئًا، مما دفع مسؤولو القلعة الحمراء لاتخاذ قرارات قوية، فهل بالفعل قللت تقنية الفيديو من الجدل التحكيمي في مصر كما العالم؟
الموسم الحالي من الدوري المصري شهدت اعتراض كل الأندية تقريبًا على قرارات التحكيم المصري، ومطالبة البعض بإبعاء الحكم “فلان” عن قيادة مباريات الفريق، والبعد الآخر طالب بالتحقيق مع الحكم “علان” بعد خطأه الكارثي الذي أضاع على الفريق نقاط المباراة، كل ذلك غير طلب حكام أجانب لمباريات الفريق من عديد الأندية، تحديدًا الكبرى على رأسهم الأهلي وبيراميدز لمباريات فريقهم في بطولة الدوري.
كل هذا الجدل التحكيمي والغضب العام من أندية الدوري المصري حول الحكام وصل إلى أعلى وتيرته في ظل وجود تقنية الفيديو، والتي زادت الطين بلة ولم تكن حلًا لتقليل الأخطاء التحكيمية ولا الجدل التحكيمي، بل نقلت الأزمة من “مستوى الحكام سئ” إلى “الأخطاء مقصودة” لندخل في مرحلة أكبر وأشد من الأزمة.
وبدأت الأندية في توجيه الاتهامات للحكام بالانحياز إلى المنافس، والتلويح بانتماء الحكام بعد كل حالة جدلية، خاصة أمام الأندية الجماهيرية، واستبعاد نظرية أن الحكم سئ والمبرر السابق الحكم “بشر” ومن الوارد أن يخطئ، وذلك بسبب وجود تقنية الفيديو، والتي كان دورها هو تقليل الأخطاء ومساعدة الحكام لكن الأمر انقلب إلى زيادة الجدل أكثر وأكثر في كثير من الحالات.
وبعد بيان الأهلي وتصعيده بعد إلغاء هدف بيرسي تاو في مباراة فاركو، أكد اتحاد الكرة تحويل منصب الحكم الإنجليزي السابق مارك كلاتينبيرج” إلى رئيس لجنة الحكام بدلًا من رئيس لجنة “التطوير”، على أمل إخماد نار الثورة لدى جماهير الأهلي ومسؤوليهم ضد الحكام وسهام التخوين والهجوم القادمة من كل صوب وحدب.
ولكن هل تولي كلاتينبرج مسؤولية رئاسة لجنة الحكام سيكون الحل؟ بكل تأكيد فإن الحكم الإنجليزي لا يحمل عصا سحرية لتغيير الأمور بين ليلة وضحاها بل أن المستوى الذي وصل له التحكيم المصري والأخطاء المكررة “بشهادة كل الخبراء” في كل المباريات تقريبًا، تحتاج إلى إعادة هيكلة وبناء كامل للمنظومة التحكيمية، وإظهار حكام جدد إلى النور يتم تدريبهم ومنحهم الدورات المطلوبة لرفع كفاءتهم وخلق جيل جديد من الحكام قوي الشخصية ولديه من الدقة والجودة ما يحتاجه الدوري المصري.
كلاتينبرج يحتاج إلى أن يضع خطة واضحة بمعالم دقيقة، ويقوم بإعلانها إلى الرأي العام بالكامل بجدول زمني محدد للخطوات التي يتبعها لتطوير الحكام على المستوى الفردي، وإعادة تنظيم المنظومة التحكيمية بالكامل في مدة زمنية محددة، وعلى الجميع مساندته لأنها ستكون بمثابة الفرصة الأخيرة لإحياء التحكيم المصري والاستفادة من خبرات حكم مثل كلاتينبرج، وإن فشلت تجربته فإن التحكيم المصري سيدخل في نفق أكثر ظلامًا لا نعرف متى سيخرج منه مجددًا.